أبرزت الزيارة الثلاثية الأخيرة التي أجراها وزير الشؤون الخارجية الدكتور اس جايشانكار إلى جزر المالديف التزام الدولتين بتعزيز شراكتهما، وأكدت على الطابع المستدام للتفاهم الدبلوماسي بينهما.
أثبتت العلاقة بين الهند وجزر المالديف أنها متينة وثابتة، غير قابلة للتأثير من الضغوط الخارجية التي سعت لإضطرابها. على الرغم من محاولات الجهات الخارجية لإثارة الفتنة، تشهد العلاقات الثنائية انتعاشة، كما يتضح من زيارة وزير الشؤون الخارجية الدكتور S. Jaishankar الأخيرة لجزر المالديف من 9 إلى 11 أغسطس.

من خلال الدبلوماسية الماهرة، تمكنت القيادة الهندية من التعامل بنجاح مع التحديات المؤقتة في العلاقات الثنائية، ممهدة الطريق لإطار تعاون أعمق يعتمد على الثقة المتبادلة واحترام مخاوف الأمن لبعضها البعض.

جزر المالديف الشريك المهم للهند
تعتبر الهند جزر المالديف شريكاً بحرياً حيوياً ودائماً ما أظهرت استعدادها لدعم هذه الدولة الجزيرة في تخفيف المحن التي تواجه مواطنيها. يمتد هذا الدعم إلى ما وراء المساعدات الانسانية ليشمل الاجراءات الأمنية الهادفة إلى حماية الomaldives من التهديدات غير الحكومية، مثل القرصنة، في حين يحمي أيضاً مناطقها الساحلية، وحدودها البحرية، ومنطقتها الاقتصادية الخالصة الشاسعة.

بعد الاضطراب السياسي الذي تبع الانتخابات الوطنية في نوفمبر 2023، استقرت الأوضاع في الدولة الجزيرة قبل الزيارة الرفيعة المستوى الأولى من الهند. من المحتمل أن الحكومة المالديفية الحالية أقرت بالتزام الإدارة الهندية الصادق بدعم الدولة الصغيرة، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 500،000، وتعتبرها واجباً أخلاقياً للمساعدة في أوقات الأزمات والمساهمة في نموها الاقتصادي ورفاهيتها العامة.

لقد ساهم هذا الدعم بشكل كبير في تحسين معيشة الشعب المالديفي وظروفه الاقتصادية. على مر السنين، قدمت الهند منحة بقيمة 220 مليون دولار لجزر المالديف، مما مكّن من تنفيذ مشاريع تطويرية متنوعة. يتطلع مواطنو جزر المالديف بشغف إلى بدء تنفيذ المبادرة التنموية الرئيسية التي تهدف إلى ربط مدينة ماليه بالجزر المجاورة من فيلينجيلي، و جولهفالهو، و ثيلافوشي.

خلال زيارته، أجرى الدكتور جايشانكار محادثات مع نظيره المالديفي والمسؤولين الآخرين لتقييم التقدم المحرز حتى الآن. علاوة على ذلك، زار وزير الشؤون الخارجية مدينة أدو حيث افتتحها بشكل مشترك مع وزير الخارجية المالديفي مشروع ضم أدو ومشروع الطريق المحيط بأدو.

التزام الهند بتطوير جزر المالديف
مواطنو جزر المالديف يعترفون بأنه لا توجد دولة أخرى تمتلك الالتزام أو الرغبة في الانخراط في شراكة تنموية بهذه الحدة. بعد اجتماعه مع الدكتور جايشانكار، أعرب الرئيس محمد معيط عن رضاه، قائلاً أن "شراكتنا الدائمة تستمر في الازدياد، ما يقرب بين دولتنا من خلال التعاون في الأمن، والتنمية، وتبادل الثقافات. معاً نبني مستقبلاً أكثر إشراقاً وازدهاراً للمنطقة."

أتت تصريحاته بعد الافتتاح الرسمي لمشاريع المياه والصرف الصحي في 28 جزيرة في المالديف، والتي بلغت قيمتها 110 ملايين دولار، وهي جزء من رسالة اعتماد أكبر بقيمة 800 مليون دولار أصدرت في عام 2018.

من الجدير بالذكر أن الرئيس المالديفي الحالي، الذي انتقد الهند بشدة في السابق، أقر علنياً بدعم الحكومة الهندية، وشكر بشكل خاص رئيس الوزراء ناريندرا مودي على الدعم المستمر الذي قدمه للمالديف.
متابعة للتوترات الدبلوماسية التي نشأت بعد الاحتكامات الانتخابية مع الهند، أدى تفضيل الرئيس المالديفي معيط لتركيا والصين على الهند، إضافة إلى استقبال السفن العسكرية الصينية في المياه المالديفية القريبة من الشواطئ الهندية، إلى تغيير كبير في ديناميات علاقات الهند والمالديف.

هذا التغيير غير المتوقع في الحديث مدهش بشكل خاص بالنظر إلى أن الرئيس معيط سبق وأن قاد حملة "خارج الهند" داخل بلاده. في انعكاس ملحوظ، وصف الآن الهند على أنها واحدة من أقرب الحلفاء إلى المالديف. صدحت الحكومة المالديفية بهذا الشعور في بيان رسمي، مؤكدة أن الهند كانت شريكًا حيويًا دائمًا، حيث تقدم المساعدة الأساسية في الأوقات الصعبة.

أعرب الرئيس معيط أيضًا عن نيته لتعزيز الروابط بين الهند والمالديف باستمرار. ومن الجدير بالذكر أن التركيز على التعاون الدفاعي والأمني، الذي كان هدفًا رئيسيًا لإدارة معيط بعد صعوده إلى السلطة في نوفمبر، يبدو أنه يستعيد زخمه.

خلال زيارة أخيرة، أجرى وزير الشؤون الخارجية الدكتور جايشانكار محادثات مثمرة مع الرئيس معيط ونظيره المالديفي، موسى زمير، بالإضافة إلى وزير الدفاع محمد غسان معومون. قوبلت هذه المناقشات بتأكيد التزام الدولتين بتعزيز شراكتهما الدفاعية والأمنية.

جزر المالديف كجارة بحرية حاسمة
بعد انتهاء زيارة الدكتور جايشانكار، شددت الهند على أهمية جزر المالديف كجارة بحرية حاسمة وحليف رئيسي في "سياسة الجوار أولاً"، بالإضافة إلى رؤيتها الأوسع لـ SAGAR - الأمن والنمو للجميع في المنطقة.

تواصل المالديف أن تكون شريكاً هاماً للهند في تعزيز السلام والاستقرار والرخاء في إقليم المحيط الهندي، حيث يصف كل من البلدين علاقتهما بأنها متعددة الأبعاد ومرتكزة على الاحترام المتبادل.

رداً على زيارة وزير الشؤون الخارجية إلى المالديف، أعرب وزير الخارجية السابق ورئيس حزب الملديف الديمقراطي المعارض، عبد الله شاهد، عن موافقته على التحول الأخير في سياسة حكومة معيط تجاه الهند.

اعترف بتنفيذ مشاريع التطوير المتنوعة وأعرب عن امتنانه للهند عن دعمها الثابت للشعب المالديفي. شدد شاهد على أن العلاقة بين المالديف والهند كانت تقوم تاريخياً على الاحترام المتبادل، والالتزام بالقانون الدولي، والنزاهة الإقليمية، والالتزام المشترك بالأمن الإقليمي ومحيط الهند السلمي.

الخاتمة
ظلت الهند تعتبر دائمًا علاقتها مع المالديف حيوية في سياق المحيط الهندي. من المهم بشكل أساسي أن تقر أي قيادة مالديفية وتحترم بشدة مخاوف الهند الأمنية. ومع ذلك، تجاوزت إدارة معيط الحدود عند السماح للسفن الصينية بالدخول إلى الشواطئ الخاصة بها.

الهند لا يمكنها السماح لدولة صديقة بأن تستضيف قوى خارجية تهدد مصالحها الأمنية. ويبدو أن حكومة معيط أدركت هذه الحقيقة والآن هي ملتزمة بتعزيز التعاون الدفاعي والأمني مع الهند.

تأمل نيودلهي أن تظل ماليه يقظة تجاه القضايا الأمنية وتمتنع عن السماح للقوى المعادية للهند بالعمل من أراضيها أو مناطقها البحرية.
*** الكاتب هو صحفي كبير ومحلل للشؤون الاستراتيجية؛ الآراء التي أعرب عنها هنا شخصية.

(ملاحظة: كانت هذه المقالة قد ظهرت لأول مرة في INN)