مع افتتاح فرع "أي آي تي دلهي" في أبو ظبي في الثاني من سبتمبر, فقد فتحت الهند والإمارات العربية المتحدة فصلاً جديداً في علاقاتهما الثنائية حيث لن يمهد هذا الطريق فقط للتعاون الأكاديمي الدولي ولكن أيضاً لفرص البحث العلمي, والتبادل الثقافي بين البلدين
تتزامن افتتاح الحرم الجامعي لمعهد التكنولوجيا الهندي (IIT) في أبو ظبي مع زيادة التأثير العالمي للهند في مجال التعليم العالي.

هذا هو الحرم الجامعي الخارجي الثاني لنظام IIT، بعد زنجبار في تنزانيا، مما يشير إلى استخدام الهند الدائم للتعليم كأداة للقوى الناعمة لبناء علاقات دبلوماسية أقوى مع أصدقائها وحلفائها حول العالم.

يعكس هذا التوسع التزام الهند بتأكيد موقعها كمركز عالمي للمعرفة والتكنولوجيا والابتكار، مع تأييد أهدافها الجيوسياسية والاقتصادية.

التحرك الاستراتيجي في الدبلوماسية التعليمية
يعكس إنشاء الحرم الجامعي في أبو ظبي شكلاً متقدماً من “الدبلوماسية التعليمية”، حيث تستخدم الهند مؤسساتها الأكاديمية وتبادلها الفكري كأدوات للتعزيز العلاقات العامة.

الهند لطالما فهمت قيمة التعليم العالي في تأسيس بصمتها العالمية. و يتمتع معهد IIT بالتفوق الدائم في الأداء الأكاديمي والابتكار، خاصة في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM).

في الواقع، يمكن اعتباره خطوة محسوبة في الدبلوماسية، مما يشير إلى اقتراب علاقات الهند - الإمارات. وقد كانت الإمارات تسعى لتنويع اقتصادها، حيث تقلل من اعتمادها على النفط من خلال الاستثمار الكبير في التعليم والتكنولوجيا والابتكار.

بالشراكة مع أحد المؤسسات الهندية الرئيسية، يبدو أن الإمارات تعززت من التزامها لتصبح اقتصادًا قائمًا على المعرفة.
للهند، يتيح هذا فرصة فريدة لتصدير تفوقها الأكاديمي وتأثيرها، وبالتالي تعزيز موقعها كقائد في الاقتصاد المعرفي العالمي.

تعزيز العلاقات الثنائية من خلال تبادل المعرفة
كانت العلاقة بين الهند والإمارات تقليديا تعتمد على التجارة والطاقة والجالية الهندية الكبيرة في الخليج. ومع ذلك، في السنوات الأخيرة، اعترفت كلتا الدولتين بأهمية توسيع هذه الشراكة.

افتتاح الحرم الجامعي ل IIT في أبو ظبي يخدم كفصل جديد قوي في هذه العلاقة المتطورة، حيث يصبح التعليم جسرًا حيويًا بين البلدين.

التعاون بين الهند والإمارات في التعليم العالي أكثر من مجرد رمزية. بالنسبة للهند، يفتح أبوابًا للتعاون الأكاديمي الدولي، وفرص البحث، وتبادل الثقافات.

يتيح للطلاب وأعضاء هيئة التدريس الهنديين الحصول على تعرض عالمي بينما يعزز روح التعاون الفكري مع نظرائهم الإماراتيين. بالنسبة للإمارات، يضمن الوصول إلى المواهب الأكاديمية والبحثية الهندية من الطراز العالمي، مما يساعد في تعزيز قطاع التعليم العالي لديها.

لا يمكن التقليل من الفوائد المتبادلة لهذه الشراكة. يستطيع الطلاب والباحثين الهنود المشاركة في مبادرات البحث والتطوير الرائدة في الإمارات، وخاصة في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، والطاقة المتجددة، والأمن السيبراني.

في الوقت نفسه، سوف يحصل الطلاب الإماراتيين على الوصول إلى منهاج معهد IIT المحترم والدقيق، مما يساعد على تغذية جيل من المستقبل المبتكرين ورواد الأعمال.

دور الدبلوماسية الناعمة لتعزيز الروابط
قوة الهند في التكنولوجيا، وخاصة في تطوير البرمجيات، لطالما كانت القوة الدافعة وراء تأثيرها العالمي. ويعتبر الهند استخدام "دبلوماسية البرمجيات" مركزيةً في علاقتها بالامارات.

افتتاح الحرم الجامعي في أبو ظبي يعمق هذا الاتصال أكثر من خلال التركيز على مجالات البحث التي تتوافق مع الطموحات التكنولوجية للإمارات.

الإمارات، كجزء من استراتيجيتها "رؤية 2030"، التزمت بأن تصبح زعيمة عالمية في التكنولوجيا والابتكار.

الحكومة في البلاد اهتمت بالاستثمار الكبير في قطاعات مثل الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، والطاقة النظيفة - المجالات التي تتوافق بشكل جيد مع الخبرة التي طورتها الهند من خلال مؤسساتها النخبوية، وخاصة معهد IIT.

عبر الحرم الجامعي في أبو ظبي، يحصل الإمارات على الوصول المباشر إلى الخبرات الهندية في المعرفة المتقدمة.

بالمقابل، تقدم الشراكة للباحثين الهنديين والشركات الناشئة فرصة لا تقدر بثمن للتعاون مع نظرائهم الإماراتيين، فتفتح أبواباً للابتكارات والمشاريع التجارية الجديدة.

هذا التعاون يعزز مكانة الهند كزعيم عالمي في مجال التكنولوجيا، في حين يسمح للإمارات بتحقيق طموحاتها لتصبح مركزًا للابتكار التكنولوجي.

خطوة جيوسياسية أوسع
افتتاح الحرم الجامعي في أبو ظبي ليس مجرد مهمة أكاديمية. بل هو يعكس خطوة جيوسياسية أوسع. ليست الدبلوماسية التعليمية للهند فحسب عن تصدير المعرفة، بل أيضا عن ترسيخ العلاقات التي تسهم في الاستقرار الإقليمي والنمو الاقتصادي.

الإمارات لطالما كانت حليفًا استراتيجيًا للهند، وتعزيز الروابط من خلال التعليم يعكس اعترافًا بأن التنوع الاقتصادي والابتكار هما المفتاح للنمو المستقبلي.

بالشراكة مع الإمارات، تجعل الهند من نفسها شريك رئيسي في التطور الأوسع للمنطقة. المشرق الأوسط، وخاصة دول الخليج، في خضم تحول اقتصادي.

تتطلع دول مثل الإمارات إلى تنويع اقتصاداتها، مع وضع التعليم والتكنولوجيا في مقدمة استراتيجياتها. هذا يمثل فرصة فريدة للهند لتكون جزءًا من هذا التحول.


مع استمرار الهند في توسيع بصمتها التعليمية العالمية، فإن افتتاح الحرم الجامعي لمعهد IIT في أبو ظبي يمثل لحظة حاسمة في تطور الدبلوماسية التعليمية للهند.

ليست مجرد إنشاء حرم جامعي خارجي فحسب، بل تتعلق بتأسيس الهند كلاعب رئيسي في تبادل المعرفة العالمية. تتيح للهند الدبلوماسية التعليمية بناء علاقات طويلة الأجل ومستدامة مع الدول الشريكة، تستند إلى الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.

تقدم هذه الشراكة الفرصة لاستفادة من التفوق الأكاديمي للهند وخبرتها التكنولوجية في الإطار التعليمي للإمارات، بينما تستغل الهند في الوقت نفسه منصة لتعزيز نفوذها في المنطقة، واستخدام التعليم كأداة لتعزيز الابتكار، والتنمية، والنمو الاقتصادي.

الخاتمة
في السنوات القادمة، من المحتمل أن يحدد نجاح الحرم الجامعي الهندي IIT في أبو ظبي المرحلة لمبادرات مماثلة في أجزاء أخرى من العالم.
وبينما تستمر الهند في الاستثمار في طموحاتها التعليمية العالمية، سوف ينمو تأثيرها على القوة الناعمة والمكانة الدولية. مستقبل الدبلوماسية التعليمية الهندية مشرق، ويتوقع أن يمتد تأثيرها بمراحل بعيدة خارج الحدود التقليدية.

وبينما تواصل كل من الهند والإمارات الابتكار والنمو، ستكون شراكتهما في التعليم نموذجًا لكيف يمكن للدول التعاون لتحقيق الأهداف المشتركة في التنمية الاقتصادية، والتقدم التكنولوجي، والقيادة العالمية.

 *** الكاتبة هي صحفية من بنغالورو عرضت هنا آراءها الشخصية